الإمام البخاري .. حِبر الإسلام والحافظ للحديث النبوي
سَمِعَ من نَحْو ألف شَيخٍ، وجمع نَحْو سِتِّ مئة ألف حديثٍ

الإمام البخاري – اسمه ونشأته:-
محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن الـمُغيرة بن بَرْدِزْبَه، الجَعْفِيُّ، أبو عبد الله البخاري ، حبر الإسلام، الإمام والحافظ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبَرْدِزْبَه: لفظةٌ بُخاريَّةٌ، معناها الزَّرَّاعُ.
وُلِدَ الإمام البُخاريُّ في بُخارى، في شهر شوَّال، سنة 194هـ، ونشأ يتيماً.

طلبه لعلم الحديث:-
بدأ الإمام البخاري بتعلُّم الحديث منذ نعومة أظفاره، فقد روى محمَّد بن أبي حاتمٍ الورَّاق النَّحَويُّ، قال: “قُلْتُ لأبي عبد الله البخاريِّ: كيف كان بِدْءُ أمرِكَ في طلب الحديث؟”. قال: “أُلْهِمْتُ حِفظَ الحديث وأنا في الكُتَّابِ”.
فقُلْتُ: “كم كان سِنُّكَ؟”. فقال: “عشرُ سِنينَ، أو أقلُّ، ثمَّ خرجْتُ من الكُتَّابِ بعد العشر، فجعلْتُ أختلف إلى الدَّاخليِّ، وغيره، فقال يوماً فيما كان يقرأ للنَّاس: سفيان، عن أبي الزُّبَير، عن إبراهيم، فقُلْتُ له: إِنَّ أبا الزُّبَير لم يروِ عن إبراهيم. فانتهرَني، فقُلْتُ لَهُ: ارجع إلى الأصل، فدخل، فنظر فيه، ثمَّ خرج، فقال لي: كيف هو يا غلام؟ قُلْتُ: هو الزُّبَير بن عَدِيٍّ، عن إبراهيم، فأخذ القلم مِنِّي، وأحكم كِتابَهُ، وقال: صدقت”.

فقيل للبُخاريِّ: “ابن كم كُنْتَ حين رددْتَ عليه؟”. قال: “ابن إحدى عَشْرَةَ سنةً، فلمَّا طعنْتُ في سِتَّ عَشْرَةَ سنةً، كُنْتُ قد حَفِظْتُ كتب ابن الـمُبارك ووكيعٍ، وعرفْتُ كلام هؤلاء، ثمَّ خرجْتُ مع أمِّي وأخي أحمد إلى مكَّة، فلمَّا حججْتُ، رجع أخي بها، وتخلَّفْتُ في طلب الحديث”.
رحلته في طلب العلم:-
قام الإمام البخاري بعد ذلك برحلةٍ طويلةٍ في طلب الحديث سنة 210هـ، فزار خُراسانَ، والعراق، ومصر، والشَّام، والحجاز، وسَمِعَ من نَحْو ألف شَيخٍ، وجمع نَحْو سِتِّ مئة ألف حديثٍ، اختار منها في صحيحه ما وَثِقَ برواته.
وهو أوَّل من وضع في الإِسلام كتاباً على هذا النَّحْو، وسمَّاه: «الجامعَ الـمُسندَ الصَّحيحَ الـمُختَصَرَ مِنْ أُمورِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وسُنَنِهِ وأيَّامِهِ».
أقوال العلماء فيه:-
- قال التِّرْمِذيُّ: “لم أرَ بالعراق ولا بخُراسانَ في معنى العِلَلِ، والتَّاريخ، ومعرفة الأسانيد أعلمَ من محمَّد بن إسماعيل”.

- وقال أبو عليٍّ صالح بن محمَّد جَزَرَةُ عن الإمام البخاري: “كان محمَّد بن إِسماعيل يجلس ببغداد، وكُنْتُ أستملي له، ويجتمع في مجلسه أكثر من عشرين ألفاً”.
- قال أحمد أمين في “ضُحى الإسلام: “..رأينا عند عَدِّ أحاديثِ البُخاري أنَّه لم يقتصر على الأحاديث الصحيحة بهذا المعنى، بل ذَكَرَ أحاديث موقوفة ومقطوعة، وقد قالوا إنه إنَّمَا ذكرها للاستئناس لا لتكون أساساً للباب، ثمَّ إنَّ البُخاري كان -مع قدرته الفائقة في الحديث- فقيهاً، ويعدَّه السُّبْكِي شافعيَّاً في كتابهِ طبقات الشَّافعية، ولكِنْ هذا محلَّ شَك، بل الظَّاهِر أنَّهُ كانَ مُجْتَهِداً مستقلاً وله استنباطاتٌ تفرَّد بها، وآراءٌ توافِق أحياناً مذهب أبي حنيفة، وأحياناً مذهب الشَّافعي، وأحياناً تُخالفهما، وأحياناً يختار مذهب ابن عبَّاس، وأحياناً مذهب مُجَاهِد وعطاء..”.
كتب الإمام البخاري :-
- الجامعَ الـمُسندَ الصَّحيحَ الـمُختَصَرَ مِنْ أُمورِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وسُنَنِهِ وأيَّامِهِ: المعروف بصحيح البخاري، وهو أوثق الكتب الستة المعوَّل عليها، وهي: صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن أبي داوُد، وسنن التِّرمذي، وسنن ابن مَاجَهْ، وسنن النَّسَائي.
- التاريخ.
- الضُّعفاء، في رجال الحديث.
- خلق أفعال العباد.
- الأدب الـمفرد.
- القراءة خلف الإمام.
وفاته:-
أقام في بُخارى، فتعصَّب عليه جماعةٌ، ورَمَوهُ بالتُّهم، فأُخْرِجَ إلى خَرْتنْكَ -من قرى سَمَرْقَنْدَ- فمات فيها ليلة عيد الفطر، سنة 256هـ، وقد عاش 62 سنة.
تعرف على المكتبة الخالدية في القدس
المصادر:–
- الأعلام (6/34).
- تهذيب الكمال (24/430/رقم 5059).
- سير أعلام النُّبلاء (12/391 وما بعدها، رقم 171).
- ضحى الإسلام، أحمد أمين.
http://downloadislamic-books.blogspot.com/2019/08/pdf_72.html