فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب

خرج رجل إلى الجَبّان ينتظر رِكابَه فأتبعه كلبٌ كان له، فضرب الكلبَ وطردَه، وكرِه أن يتبعه، ورماه بحجر، فأبى الكلبُ إلَّا أنْ يذهبَ معه، فلما صار إلى الموضع الذي يريد فيه الانتظار، ربضَ الكلبُ قريباً منه، فبينما هو كذلك إذ أتاهُ أعداءٌ لهُ يطلبونه بطائلةٍ لهم عنده، وكان معه جار لَهُ وأخوه دِنْياً، فأسلماه وهربا عنه، فجُرِحَ جراحاتٍ، ورُمي به في بئرٍ غيرِ بعيدةِ القعر، ثم حَثَوْا عليه من التراب حتى غطَّى رأسَه، ثم كُمِّمَ فوقَ رأسِه منه، والكلبُ في ذلك يزجُم ويهِرُّ.

فلمَّا انصرفوا أتى الكلبُ رأس البئر؛ فما زال يَعوي وينبث عنه ويحثُو الترَابَ بيده ويكشف عن رأسه حتى أظهر رأسَه، فتنفَّس ورُدَّتْ إليه الروحُ، وقد كاد يموتُ ولم يبق منه إلاّ حُشاشة.
فبينما هو كذلك؛ إذْ مرَّ ناس فأنكروا مكان الكلب ورأوه كأنَّه يحفرِ عن قبْر، فنظروا فإذا هم بالرجُلِ في تلك الحال، فاستشالوه فأخرجوه حيّاً، وحملوه حتَّى أدَّوه إلى أهله.
المصادر:.
الحيوان للجاحظ (2/316).
https://www.freepik.com/free-vector/arabs-camel_4805649.htm#page=2&query=arab+camel&position=14