دار الأوبرا .. مرآة للفن والثقافة في مصر
بنيت تبعاً للطراز الإسلامي الحديث على مساحة (45000) متر مربع

تمهيد:–
لطالما اعتبرت دار الأوبرا المصرية بيتاً يُقصد لأداء الفنون ورؤية الروائع في مصر، فهذا المكان المميز تمكن خلال العقود الطويلة الماضية من أن يحتفي بالعديد من المواهب العالمية وأن يستضيف في قاعاته العيد من الفعاليات ذات المستوى العالي لأبرز رموز الفن والثقافة.
دار الأوبرا الخديوية “الملكية”:–
يعتبر أول دار أوبرا في مصر وإفريقيا بأكملها، حيث تم تشييده في منطقة المنيا المصرية في سنة 1869 م، وذلك بتنفيذ مباشر لأمر الخديوي إسماعيل، ليجري في الدار المذكورة؛ الاحتفال بافتتاح قناة السويس.

البديع في هذه الدار التاريخية الثقافية هي تصميمها الذي قام به إثنين من المهندسين المعماريين الإيطاليين وذلك بطلب مباشر من الخديوي نفسه، وتفرغ المهندسان على إنجاز التصميم وتنفيذه، ليرى النور خلال ستة أشهر فقط من مباشرة أعمال التشييد.
أثناء العمل به وبعده؛ تم تسميته بدار أوبرا الخديوي، كما أُطلق عليها في بعض الأحيان تسمية “دار الأوبرا الملكية” وتم افتتاحها في اليوم الأول من شهر تشرين الثاني نوفمبر، وافتتح بأحد أروع الأصوات الغنائية العالمية عبر أمسية ساحرة أحياها مغني الأوبرا الإيطالي فيردي.
أوبرا عايدة:–
هذا الأداء العالمي الشهير لمقطوعة تعتبر إحدى أروع وصلات الأوبرا ذات الصيت العالمي، والتي كتبت ولُحِّنت لتُغنى خلال حفل الافتتاح لدار الأوبرا في القاهرة، وذلك بناءً على طلب الخديوي من عالم المصريات الفرنسي “أوغست ماريتا” المعروف باسم ميريت باشا، حيث طلب منه الخديوي أن يقوم بتحضير قصة تروي التاريخ المصري العريق فاستوحاها وكتبها ضمن 4 صفحات وقام بكتابة نصها المغني جيسلا نزوني ليأتي الدور على الموسيقي الأوبيرالي فيردي لتأليف موسيقاها.

ولكن هذه التحفة الموسيقية لم يُكتب لها أن تُعرض خلال حفل الافتتاح، إذ تم إرجاؤها لتغنى وتعزف فيها وذلك بعد عام ونصف وتحديداً في شهر كانون الأول ديسمبر من سنة 1871 م ضمن دار أوبرا الخديوي في القاهرة.

وبالفعل؛ وجدت هذه التحفة الموسيقية استحسان الجميع، ليذيع صيتها ملهبة قاعات ومدرجات ميلانو والعالم بأسره خلال عروضها الأولى.
افتتاح الأوبرا:–
وبتاريخ 28 تشرين الأول أكتوبر من سنة 1971 م، وبشكل مأساوي؛ تعرضت دار الأوبرا الملكية لحريق كبير وذلك بعد مرور 102 عام من ولادتها كشعلة ومنارة ثقافية تنير مصر وما حولها.

بعد هذه الحادثة الرهيبة؛ قامت وزارة الثقافة المصرية بالتعاون مع وكالة التعاون اليابانية الدولية بإعداد تصميم جديد لمبنى الأوبرا ليتلاءم مع تصاميم العمارة الإسلامية، واحتاجت عملية التصميم لعدة سنوات، ليتم في شهر آذار مارس من سنة 1985 الانتهاء من التصميم ومباشرة عمليات البناء التي استغرقت ثلاث سنوات، لكن افتتاحها الرسمي كان في تشرين الأول أكتوبر سنة 1988 م.

موقع دار الأوبرا المصرية:–
تتربع دار الأوبرا المصرية اليوم -والتي بنيت تبعاً للطراز الإسلامي الحديث- على مساحة (45000) متر مربع، مشرفة على نهر النيل ممتدة بكل حدائقها ومروجها على مسار النهر.
وتتضمن الدار بداخلها مسارح كبيرة، وهي التي تقع في الجزء الجنوبي من دلتا النيل في حي الزمالك الشهير بالقرب من وسط مدينة القاهرة.
المسارح:–
ضمن بناء دار الأوبرا نجد ثلاثة مسارح مميزة هي:
قاعة المسرح الرئيسية: والتي تتضمن 1200 مقعد وتتدرج على أربع مستويات.
القاعة الصغيرة: والتي تتضمن (500) مقعد وتكون كلها بسوية واحد.
والمسرح المفتوح المخصص للعروض الخارجية مع عدد (600) مقعد.

هوية المدن تتجسد عبر العمارة والفنون :-
اليوم؛ لا يمكن تذكر المدن بدون وجود هوية ثقافية وتراثية خاصة بها، وهذه الهوية تكون محمولة بالصورة التراثية الثقافية المنقولة بشكلها المرئي المسموع والمحسوس، وبالطبع تعتبر أبرز أعمدة الهوية الثقافية هي الطابع المعماري الممزوج بالفنون وهذا ما تحمله قصة الأوبرا المصرية وتاريخها.
