أبو الفتح الشهرستاني .. الفقيه الشافعي المتكلم الأفضل
صاحب التصانيف، كان وافر الفضل، كامل العقل

اسمه ونشأته:–
محمد بن أبي القاسم عبد الكريم بن أبي بكر أحمد، أبو الفتح الشهرستاني ، الملقب بالأفضل، الفقيه الشافعي المتكلم على مذهب الأشعري، وُلِدَ سنة 479 هـ بشَهْرَسْتَان.
و الشهرستاني نسبة إلى مدينة شَهْرَسْتَان خراسان الواقعة بين نيسابور وخوارزم.

الشهرستاني – مكانته العلمية:–
كان أبو الفتح الشهرستاني إماماً في علم الكلام وأديان الأمم ومذاهب الفلاسفة، بارعاً في الفقه والأصول.
وقد تفقه بالمذهب الشافعي على يد الإمام أحمد الخَوَافي، وقد برع فيه.
وأخذ علم الكلام والنظر والأصول وطريقة الشيخ أبي الحسن الأشعري عن أبي نصر القُشَيري، وأبي القاسم الأنصاري تلميذ إمام الحرمين، وتفرد فيه في عصره.
وكان كثير المحفوظ، حسن المحاورة، يعظ الناس، وقد دخل بغداد سنة 510هـ، وأقام بها ثلاث سنوات، وظهر له قَبول كثير عند العوام.
وسمع بنيسابور الحديث من علي بن أحمد المَدِيْنِيّ، ومن أبي الحسن بن الأخرم، وكتب عنه الحافظ أبو سعد عبد الكريم السمعاني، وذكره في كتاب «الذيل».

مروياته ولطائفه:–
كان أبو الفتح الشهرستاني يروي بالإسناد إلى النَّظَّام إبراهيم بن سَيَّارٍ، أنه كان يقول: “لو كان للفراق صورةٌ لارتاع لها القلوب ولهدَّ الجبال، ولَجَمْرُ الغَضَى أقلُّ توجُّهاً من حملِه، ولو عذَّب الله أهل النار بالفراق لاستراحوا إلى ما قبله من العذاب”.
اتِّهامه بالإلحاد:–
اتُّهِم أبو الفتح الشهرستاني بميله للباطنية وأهل الإلحاد، حيث قال ابن السَّمعاني في «معجم شيوخه»: “وكان متهماً بالميل إلى أهل القلاع -يعني الإسماعيلية- والدعوة إليهم والنصرة لضلالاتهم”.
وقال الخوارزمي صاحب «الكافي»: “لولا تخبطه في الاعتقاد، وميله إلى أهل الزيغ والإلحاد؛ لكان هو الإمام في الإسلام”، وقد بالغ الخوارزمي في الحط عليه وقال: “كان بيننا مفاوضات، فكان يبالغ في نصرة مذهب الفلاسفة والذب عنهم”.
والحق أنه لا يوجد في كتب الشَّهْرَسْتَاني ما يدل على ذلك، بل يوجد ما يدل على خلاف ذلك؛ ولهذا قال السُّبكي في «طبقاته»: “لم أقف في شيء من تصانيفه على ما نُسِبَ إليه من ذلك لا تصريحاً ولا رمزاً، فلعله كان يبدو منه ذلك على طريق الجدل، أو كان قلبه أُشْرِب محبة مقالتهم؛ لكثرة نظره فيها”.
أقوال العلماء فيه:–
- قال ابن الأهدل عن الشهرستاني : “سمع الحديث من ابن المَدِيْنِيّ، وكتب عنه ابن السَّمعاني، وعَظُمَ صيته في الدنيا”.
- وقال الذهبي: ” أبو الفتح الشهرستاني .. شيخ أهل الكلام والحكمة”، وقال أيضاً: “كان كثير المحفوظ، قوي الفهم، مليح الوعظ”.
- وقال السَّمعاني: “كان إماماً أصولياً، عارفاً بالأدب وبالعلوم المهجورة”.

- وقال عنه ياقوت الحموي: “الفيلسوف المتكلم، صاحب التصانيف، كان وافر الفضل، كامل العقل، ولولا تخبطه في الاعتقاد ومبالغته في نصرة مذاهب الفلاسفة والذب عنهم لكان هو الإمام”.
أبو الفتح الشهرستاني – كتبه ومصنفاته:–
- نهاية الإقدام في علم الكلام.
- الملل والنحل : قال عنه السُّبكي: “هو عندي خير كتاب صُنِّفَ في هذا الكتاب، ومصنف ابن حَزْم وإن كان أبسط منه إلا أنه مبدد، ليس له نظام، ثم فيه من الحط على أئمة السنة ونسبة الأشاعرة إلى ما هم بريؤون منه ما يكثر تعداده، ثم ابن حزم نفسه لا يدري علم الكلام حق الدراية على طريق أهله”.
- الإرشاد إلى عقائد العباد.
- المناهج والبينات.
- المضارعة.
- تلخيص الإقسام لمذاهب الأنام.
- مصارعات الفلاسفة.
- المبدأ والمعاد.
- تفسير سورة يوسف: قام بتفسيرها بأسلوب فلسفي.
- مفاتيح الأسرار ومصابيح الأبرار.
وفاته:–
توفي أبو الفتح الشهرستاني بشَهْرَسْتَان، أواخر شهر شعبان، سنة 548هـ، وقيل: سنة 549هـ.
المصادر:–
- الأعلام (6/215).
- سير أعلام النبلاء (20/286/رقم 194).
- شذرات الذهب في أخبار من ذهب (6/246).
- طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (6/128/رقم 653).
- طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة (1/323/رقم 297).
- طبقات الشافعيين (1/635).
- طبقات الفقهاء الشافعية (1/212/رقم 48).
- لسان الميزان لابن حجر (7/311/رقم 7104).
- الوافي بالوفيات (3/229).
- وفيات الأعيان (4/273/رقم 611).